هل نحن بحاجة الى الذكاء العاطفي …؟

يعود أصل الذكاء العاطفي The emotional intelligence إلى تشارلز داروين حيث عمل على أهمية التعبير العاطفي بهدف البقاء ثم عمل على تطبيقاته

- إعلان -

إن قدرتنا على الشعور بأحد الأصدقاء أو الزملاء عندما يكون في حالة من الحزن أو الغضب أو الدهشة تُعَد عاملًا أساسيًّا في التعامل والانسجام ومعرفة المشاعر لديهم، فالذكاء العاطفي The emotional intelligence هو ما يجعل لدينا القدرة على إدراك وفهم واستخدام التفكير والسلوك والتمييز بين المشاعر المختلفة وتوصيفها بشكل مناسب.

 

- إعلان -

بقلم د. خالد بن محمد الرابغي – متخصص في الموهبة والابداع

 

يعود أصل الذكاء العاطفي The emotional intelligence إلى تشارلز داروين حيث عمل على أهمية التعبير العاطفي بهدف البقاء ثم عمل على تطبيقاته، إلا أن العديد من  التعريفات التقليدية كانت تؤكد الجانب المعرفي في الذكاء العاطفي كالتفكير وحل المشكلات و أن الذكاء العاطفي تطور على مدار السنين، وقد عرف هذا التعبير في الثلاثينات بالذكاء الاجتماعي لوصف مهارات فهم وإدارة الآخرين ، ثم بالقوة العاطفية في منتصف القرن العشرين إلى أن وصل للتعريف المتعارف عليه اليوم وهو الذكاء العاطفي.
فالذكاء العاطفي يقصد به قدرة الفرد على تحديد وإدارة عواطفه ومشاعره ومشاعر الآخرين ، ويتضمن مهارات أساسية لقياسه كالوعي الذاتي من حيث فهم وإدراك العواطف وردود الأفعال ، والإدارة الذاتية من حيث التحكم والتأقلم مع عواطف الأمزجة في ردود الأفعال ، والتعاطف من حيث إدراك مشاعر الاخرين  وفهم عواطفهم واستخدام هذا الفهم للتواصل معهم بشكل أكثر تأثيرًا ، وأخيراً الدافع من حيث الاستفادة من العواطف للتحفيز  على اتخاذ الموقف المناسب وتحقيق الأهداف

أهمية الذكاء العاطفي:

يعد الوعي العاطفي أحد أهم ركائز الذكاء العاطفي، إذ يكمن سر نجاح الفرد أو عدم نجاحه في درجة وعيه بنفسه واحتياجاته الخاصة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كان الفرد قادراً على ترجمة ما يشعر به من مشاعر فرح، أو حزن، أو غضب، أو قلق بشكل واضح، ومدى التحكم والتأثير بهذه المشاعر على سلوكه وقراراته وتوجيهها نحو سلوك أفضل.
فالذكاء العاطفي تكمن أهميته في تخطى الناحية الاجتماعية من حياة الفرد لتصل إلى كافة جوانبها من خلال: الصحة العقلية فهي تؤثر على منظور الفرد في الحياة، وتساعده على تخفيف التوتر وتجنب الاكتئاب وتقلبات المزاج. وكذلك من خلال الصحة الجسدية ذلك بمقدرة الفرد على رعاية نفسه والتحكم بمعدلات التوتر لديه والذي لها تأثير كبير على الصحة العامة. كما تكمن أهميتها في تكوين العلاقات بفهم المشاعر والقدرة على التحكم بها مما يجعل الفرد يتمكن من التواصل عاطفياً بطريقة بناءة ويتمكن من فهم الآخرين. كذلك تكمن الأهمية في نزع الخلافات من خلال تمكين الفرد من حل خلافاته وتجنبها عند مقدرته على تمييز مشاعر الآخرين والتعاطف معها.

ولو وجهنا هذه الأهمية في التربية والتعليم من خلال المدارس فلا بد أن ننادي بأن تتبنى المدارس مفهوم الذكاء العاطفي لتطوير القدرات العاطفية لدى الطلبة والتي قد تكون مهملة نوعاً ما في بعض المراحل الدراسية وهذا الإهمال هو ما يؤدي الى ظهور المشاكل كالعنف والشغب والتخريب وانخفاض الثقة بالنفس

 

 

كيف نطور قدرتنا على الذكاء العاطفي…؟

 

علينا بأن نعرف أن الذكاء العاطفي ليس من الأمور الفطرية التي يولد بها الإنسان ولكنها من الأمور التي يمكن  تعلمها واكتسابها، وهناك عدد من المهارات التي تساعد الفرد على اكتساب تطويره لقدرة الذكاء العاطفي منها : التواضع : فحين تظن دومًا أنك أفضل من الآخرين فإنك لن ترى أخطاءك وربما تأتي بأفعال غير مناسبة  حين لا تسير الأمور كما أردت ، لذا حاول النظر للأمر نفسه ولكن بمنظور مختلف وبدلا من الحكم على شيء ما أو شخص ما ضع نفسك مكان ذلك الشخص وحاول أن تفكر وتشعر مثله، وأسأل نفسك لو أنك في مكانه هل كنت سترى أو شعرت أو فكرت كما يفكر……. فهذا التفكير سوف يضاعف من حس تعاطفك وفهمك للآخرين، وربما تتعلم شيئًا جديدًا عن كيفية التعامل مع أمور جديدة في نفس الموقف.

وكذلك من المهارات التي يمكن أن تساعد الفرد الانتباه للمشاعر: فعادة ما نفقد التواصل مع مشاعرنا حين نقلق بشأن الأعمال المستقبلية، وما يمكننا القيام به بشكل أفضل، وبدلا من الانتباه لمشاعرنا نختار تجاهلها معظم أوقاتنا، وما لا ندركه أن هذا التجاهل يزيد الوضع تعقيداً، فكلما تجاهلنا مشاعرنا كلما فقدنا السيطرة عليها وبالتالي على أنفسنا وردود أفعالنا.

وكذلك من المهارات التي يمكن أن تساعد الفرد ردة الفعل: فردة الفعل هي عملية لا شعورية نعبر أو نفرغ فيها عواطفنا. فحين تكون مدركا لعواطفك ستتمكن من التفكير مقدما في الطريقة التي ستتصرف بها. وردة الفعل تأتي معها الاستجابة التي دائماً تشمل الانتباه للمشاعر وللتصرف الذي ستقرر اتخاذه فهي عملية شعورية للتصرف الذي ستقدم على اتخاذه، بينما ردة الفعل عملية لا شعورية لتفريغ العواطف.

وكذلك من المهارات التي يمكن أن تساعد الفرد المحافظة على السلوك الإيجابي فالمشاعر السلبية مميتة ومعدية فقد تنتقل إليك بسهولة، لذا عليك أن تكون متيقظاً دائما بما يشعر به الآخرين من حولك، وتكون قادرًا على رؤية الجانب الإيجابي في كل أمر سلبي يواجهك من خلال ضبط مشاعرك ووعيك وثقتك بنفسك وكذلك من المهارات التي يمكن أن تساعد الفرد المرونة في التعامل مع من حولك فمن الأفضل أن تكون أكثر مرونة وهذا سيساعدك على التغيير بسهولة أكبر والتعامل مع الحياة بشكل أفضل.

وكذلك من المهارات التي يمكن أن تساعد الفرد التوتر الزائد عن حده فالتوتر الشديد يؤثر عليك بالسلب، ويجعلك تشعر بالإجهاد والملل حيث أن الإجهاد بدوره يمكن أن يجعل الأمور السهلة في حياتك تبدو صعبة ومعقدة. كما أنه يسمح لعواطفك وأفعالك بالخروج عن السيطرة. فتقليل التوتر يمكن أن يساعدك على زيادة ذكائك العاطفي، يمكنك القيام بذلك عن طريق ممارسة رياضة أو نشاط خفيف تحبه مثل المشي، أو الجلوس مع بعض الأصدقاء الإيجابين.

 

فوائد الذكاء العاطفي:

يتمتع الفرد الذي يتصف بالذكاء العاطفي بمجموعة من الفوائد التي تؤثر بشكل إيجابي على عدة جوانب في حياته منها:

  • يساهم في تحسين العلاقات الآخرين: إن معرفة وفهم مشاعر الآخرين يساعد الفرد على التعامل بشكل أفضل مع الاضطرابات الحياتية.
  • يساهم في حدة القلق والتغلب على الاكتئاب: الذكاء العاطفي يساهم في منع أعراض القلق التي من الممكن أن تسبب التقييم السلبي للواقع أو من الخروج من السيطرة غير السليمة من العواطف.
  •  يساهم في تحسين الأداء: الذكاء العاطفي مفيد في جوانب مختلفة من الحياة العملية والنفسية فهو يساهم في تحسين إنتاجية الفرد في أدائه ويحسن الصحة المهنية.
  • يساهم في زيادة التحفيز وتحقيق الأهداف: الذكاء العاطفي يعتبر من الذكاءات الهامة في تحقيق الأهداف فهو يستخدم في تحفيز الافراد  
  • يساهم في تحسين الوعي الذاتي واتخاذ القرار: الذكاء العاطفي يساعد في اكتشاف نقاط القوة والضعف لتحسينها ويساهم في اتخاذ القرار لحياة أفضل.

 

صفات الافراد الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي:

من صفات الذكاء العاطفي التي يتمتع بها الفرد أن تكون لديه القدرة على فهم الآخرين والمساهمة في التعاطف معهم عندما يواجهون مشاكل أو معيقات كذلك تكون لديه القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية الإيجابية والصداقات المتنوعة وكيفية المحافظة عليها وعلى أفرادها. كما أنه من صفات الفرد بأن لديه القدرة على حل النزاعات والخلافات التي تحصل مع الآخرين بشكل سهل وميسر، كذلك من الصفات القدرة على مواجهة المشاكل بثقة نفس عالية ومقدرته على التكيف مع جميع المواقف الاجتماعية التي يتعامل بها، ويكون لديه الميل إلى الاستقلالية في الرأي .

ونختم مقالنا هذا بأن الذكاء العاطفي عملية تمتد على مدار عمر الفرد ومن الممكن أن يتعلمه الفرد في أي عمر بحياته فهو يحتاج الى التدريب المستمر لأن التحكم في الذكاء العاطفي من الممكن أن تجعل الحياة أسهل للفرد.

 

 

- إعلان -

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.