الأكل الحدسي.. فلسفة استيعاب الجوع والشبع
الأكل الحدسي أو ما يطلق عليه Intuative Eating ، ليس نظاماً غذائياً، ولا يتم فيه حساب السعرات الحرارية أو حصص الطعام، كما لا يمنع تناول أطعمة معينة، لكنه فلسفة تجعلك تستوعب جوعك وشبعك بشكل أفضل، ويُعرَّف أيضاً أنه ديناميكية تكامل العقل والجسد بين الغريزة والعاطفة والتفكير العقلاني.
بقلم: أفنان التمامي أخصائية تغذية علاجية في الجمعية الخيرية لمكافحة السمنة “كيل”
مصطلح الأكل الحدسي ظهر في عام 1995م كعنوان لكتاب من إعداد إيفيلين تريبول إليز ريش، لكن هذا المصطلح له جذور أبعد من ذلك، فقد أسس Thelma Wayler في عام 1973 برنامجاً لإدارة الوزن، كان يعتمد على أن الأنظمة الغذائية المختلفة ليست مفيدة في التحكم في الوزن، والأهم للصحة على المدى الطويل اتباع نمط حياة صحي.
الفكرة الرئيسية في الأكل الحدسي أنه يجعلك تأكل عندما تكون جائعاً فقط، والتوقف عند الشبع، وعلى الرغم من أن هذه العملية يجب أن تكون حدسية أو بديهية، إلا أنها في الواقع ليست كذلك؛ لأنك كي تجعل عملية تناول الطعام مسألة بديهية تحتاج إلى تعلم كيفية الوثوق بجسدك، وللوصول لذلك يجب أن تميز بين الجوع البدني والجوع العاطفي.
الجوع البدني:
رغبة بيولوجية تُخبرك بالحاجة لتجديد المواد الغذائية، وينشأ هذا الشعور تدريجياً وله إشارات مختلفة مثل الشعور بعدم الراحة في المعدة والتعب، ثم الشعور بالرضا عند تناول الطعام.
الجوع العاطفي:
أما الجوع العاطفي فهو شعور بالجوع يدفعه ويغذيه حاجة عاطفية مثل الحزن أو الشعور بالوحدة أو الملل، والتي تخلق رغبة شديدة في تناول الطعام خاصة الأغذية العالية بالسكريات والكربوهيدرات، التي تحسن المزاج لفترة قصيرة، وغالباً ما يشعر الإنسان بالندم بعد تناول الطعام.
فالأكل الحدسي يعتمد على الجوع الجسدي الذي تشعر به، ومتبعوا هذه الفلسفة يعتمدون على إشارات الجوع والشبع الداخلية ويثقون في أجسادهم؛ لتخبرهم متى وماذا وكم يأكلون؟.
ولا يعتمد على الأنظمة الغذائية التقليدية، فهو لايفرض عليك ممنوعات ومسموحات في الأكل، ولكن في الوقت نفسه لا يعني أن تأكل كميات مفرطة، والأهم في الأكل الحدسي منح نفسك إذناً غير مشروط لتناول الطعام، لكن هذا الإذن لا يعني أن تأكل بتهور. بل العكس تماماً فإنه يعلمنا كيفية صنع السلام النفسي مع الطعام، وإزالة الرهبة والخوف من الطعام وتعلم الشعور بالأمان حول جميع الأطعمة.
مبادئ الأكل الحدسي:
- رفض مبدأ النظام الغذائي والحميات
فكرة الأكل الحدسي تتنافى مع مبدأ اتباع الأنظمة الغذائية المحددة.
- احترم جوعك
يجب تناول الطعام فقط عندما تشعر بالجوع، واحترام الإشارات التي يطلقها جسدك والاستجابة لها بشكل سليم، فالجوع ليس عدواً للإنسان.
- تصالح مع الطعام
أوقف معركة الطعام وادعُ إلى هدنة، وامنح نفسك إذناً غير مشروط لتناول الطعام.
- تخلص من الأصوات في عقلك
والتي تخبرك طوال الوقت أنك فاشل إذا أكلت قطعة من الحلوى، فلا يفشل شخص من وجبة خاطئة، ولا يصبح رياضياً وصحياً أذا تناول طبق سلطة. فقط عليك التسامح مع نفسك.
- اكتشف عامل الرضا
تذوق الأكل واستمتع به، ولا تشتت انتباهك أثناء تناول الطعام كالجلوس أمام التلفاز والأجهزة وغيرها؛ حيث تشير الدراسات إلى أن الذين يأكلون أثناء القيام بشيء آخر من المرجح أن يفرطوا في تناول الطعام؛ لذا ركز على طعامك أثناء الأكل حتى توازنه وتستمتع به.
- احترم شعورك بالشبع
فكما يخبرك الجسم أنه جائع، يخبرك أيضاً عندما يكون ممتلئاً، فاستمع إلى إشارات الامتلاء والشبع أثناء تناول الطعام وتحقق من نفسك دائماً.
- تعامل مع مشاعرك بلطف بعيداً الطعام كوسيلة
القلق والوحدة والملل والغضب مشاعر نمر بها جميعاً ولكلٍّ منها دوافعها الخاصة. ولن يعالج الطعام أياً من هذه المشاعر. قد يكون مريحاً على المدى القصير، أو يصرف انتباهك عن الألم، لكنه لن يحل المشكلة؛ لذلك ابحث عن طرق أخرى للتعامل مع هذه المشاعر بعيداً عن الطعام كممارسة هواية مفضلة، التنزه، التأمل وممارسة اليوغا أو التمارين الرياضية أو التواصل مع صديق.
- احترم جسدك
تصالح مع جسدك وجيناتك واحترمها بدلاً من انتقاد شكل جسمك، وحاول أن ترى ملامح الجمال فيه، سيساعدك ذلك على الشعور بالتحسن واتخاذ قرارات منطقية وليست عاطفية بشأن الطعام والتمارين الرياضية.
- مارس الرياضة لتشعر بالفرق
عليك البحث دائماً عن طريقة لتحريك جسمك، وحوّل تركيزك من رغبتك في فقدان الوزن إلى رغبتك في الشعور بالنشاط والحيوية.
- احترم صحتك وحسّن تغذيتك
اختر الأطعمة الجيدة لصحتك، المناسبة لذائقتك والتي تُشعرك بالرضا، وتذكر أنك لست مضطراً لتناول الطعام بشكل مثالي؛ لتكون صحياً. ولن تصاب فجأة بسوء التغذية من وجبة خفيفة واحدة، فما تأكله باستمرار هو المهم.