الدكتورة شيمة الشمري “لأسرار” المرأة السعودية قطعت في فترة وجيزة مراحل وسنوات من التمكين والتطور

ظهرت بشكل أوضح في المشهد الثقافي السعودي، وأصبحت الصحف والمجلات تطلب قصصي لنشرها

- إعلان -

الدكتورة شيمة الشمري حصلتُ على الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض كلية اللغة العربية، قسم الأدب والنقد لها محطات مفصلية في حياتها وجبت استثمارها لأنها لن تعود ترى أن كل مرحلة عمرية ودراسية تتميز باختلافها في التلقي والعطاء تؤكد على أن مرحلة الدراسة الجامعية مميزة بالقراءة المتخصصة وصقل موهبة الكتابة.

 

حصلت شيمة الشمري على عدة جوائز كان من أهمها المركز الأول بجائزة الشارقة عن فئة الدراسات الفنية عام ٢٠١٨م عن كتابي (التعالي النصي في القصة الخليجية) وجائزة صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن سعد أمير منطقة حائل جائزة (بصمة) فرع الإبداع ٢٠٢٠م. مما دفعها إلى تحقيق مزيد من العطاء والإبداع كما أن مؤلفاتها أو إنتاجها الادبي تعتبره كالأبناء لأنه احتوى الأفكار والآراء وفقا لكل مرحلة إبداعية.

 

التقت “أسرار” بالأديبة والناقدة الدكتورة شيمة الشمري في حوار خاص لتتحدث عن رحلتها في الإبداع والأدب. تابعوا معنا هذا الحوار…

 

-حدثينا عن نفسك وبداياتك؟

عند الحديث عن البدايات عدت أفتش في حجيرات الذاكرة لأسجل نقاط الانطلاقة الكتابية.. تلك البدايات التي تتوارى مع الأيام، لكنها لا تغيب أبدا، بألمها وآمالها وبراءتها وطموحها وجموحها أيضا. بداية عشق القلم وهوس الإبداع، كانت منذ أيام الدراسة المبكرة حيث كنت مولعة بالكتابة على الصفحات الأخيرة من كتبي ودفاتري، كنت أكتب ما يمكن أن أسميه وفق رؤيتي آنذاك شعرا، خواطر، ومضات قصصية. لم يعنني حينها التصنيف الأدبي ما يعنيني الكتابة ورسم الكلمات، وما يصاحب ذلك من شعور جميل..

واتجهت نحو القراءة المتنوعة حول موضوعات كثيرة مذهلة متعلقة بالإنسان، والجنة والغيب، إضافة إلى الكتب التراثية التي توفرت لي أو استطعت الحصول عليها، إضافة إلى المصدر المهم لأي كاتب وأديب وهو ” الواقع “.

الواقع بكل ما فيه من أحداث وتناقض وتحولات وألم وفرح.. الواقع في كل مكان.. الكون بأكمله محفــز للتـأمل والكتـابة إذا ما اقترن بالإحساس الذي يترجمه بشكل مختلف.

 

-ما تعليقك حول من يقول إن لكل عمل رمزيته وقصة تكمن خلف ذلك؟ هل هذا صحيح؟ وهل ينطبق أيضًا على الأمسيات؟

من الطبيعي أن لكل عمل ظروفه وقصته الخاصة التي توحي به وتصنعه بشكل أو بآخر وبالتأكيد تختلف الأمسيات بحسب الحضور والتفاعل والانسجام..

 

-هل مؤلفاتك القصصية تعتمد على الجانب السردي للحقائق وذات رسالة صريحة وموجهه للقارئ أم أنها تعتمد على الجانب الخيالي للعقل؟

إذا كان الأب هو الواقع، فالسؤال هو: ما فائدة الأدب إذن، وإذا كان الأدب ليس هو الوقع، فكيف تتم معالجة الواقع؟ وهنا تأتي الإجابة، بأنَّ مؤلفاتي القصصية تنطلق من الواقع، وتتبلور في إشعاع خيالي، يتمحور في الصياغة والأسلوب، تفاجئ المتلقي وتصدمه أحيانًا، أو تحتاج إلى تأنٍّ وتروٍّ للوصول إلى المغزى والغرض.

 

 

ظهرت بشكل أوضح في المشهد الثقافي السعودي، وأصبحت الصحف والمجلات تطلب قصصي لنشرها”

 

-بدأ الشغف والحب للكتابة لديك منذ مرحلة مبكرة وممتدة- ما شاء الله- إلى الآن، ماهي المعايير والتوجهات التي تغيرت لديك منذ تلك الفترة؟

مع مراحل الحياة المختلفة تتغير أشياء كثيرة يتشكل الوعي فيها وتتراكم المعرفة التي تؤثر في الحياة والإبداع.

 

 

– كيف ترين حضور وسطوع العنصر النسائي في عالم الأدب والشعر؟

الإنسان ذكرًا أو أنثى هو مجموعة مشاعر، ويحتاج إلى التعبير عن ذلك متى توفر له الجو المناسب للإبداع، وهذا ينطبق على حضور العنصر النسائي الملفت، وسطوعه في عالم الأدب والشعر، والنثر أكثر، وهذا النجاحات التي نسمعها بين الفينة والأخرى بلا شك واجهتها صعوبات وعقبات، وبتكاتف الجهود على مستوى الدولة أو الوزرات تجاوزت المرأة الصعوبات، وأبدعت، وأنتجت، ولا زالت.

 

– هل للمطبات الحياتية والمراحل النفسية تأثيرًا قويًا في اختلاف نوع الكتابة لدى الكاتب؟

الجانب الأكاديمي لا يكفي لصنع إنسان كاتب، فمع أهميته في تفتق المعرفة، والمزواجة في الطرح، وتغذية الذاكرة، وإشباع رغبة القراءة والاطلاع، إلَّا أنَّ المطبات الحياتية، والخبرة اليومية، واقتناص الذبذبات الصغيرة في الحياة العامة والخاصة، وتتبع الومضات النفسية، والإشعاعات الخيالية هي الأهم، ولذا ترى كل فرد من الأفراد في مزاج السعادة والفرح يميل إلى نوع من القراءة والاستماع، والعكس صحيح أيضًا.

 

– كونك ناقدة هل تعرضتِ للنقد من كبار النقاد حول مؤلفاتك؟ وما ابرزها؟

في الحقيقة إنَّ عملية النقد تُسهم في استفزاز مخيلة المؤلف، وتضمن لعملية النقد استمرارها وتجددها في الاكتشاف والبحث عن الإبداع، مما يولد لدى الناقد البحث عن آليات جديدة في النقد، وفي هذا الجانب أحب لفت الانتباه إلى أن العلاقة بين الإبداع والنقد يفترض أن تكون تكاملية، وقد لا تخلو من مناوشات وهذا طبيعي. وقد سعدت بمجموعة من القراءات النقدية التي قدمت تجربتي بشكل مختلف، ولفتت الأنظار إلى كتاباتي، فقد الأستاذ الدكتور عاطف بهجات عن بعض قصصي الأولى قائلًا “إذا كانت المرأة تعيش أزمة مع الرجل على مستوى الواقع فإني أعيش أزمة مع هذا النص (فراق) على مستوى النقد، فقد لعبت شيمة بالمتلقي في خدعة سردية. هذا ما أشرت إليه في بداية مقالي من الإشعاعات غير المتناهية والانطلاق من قيود المعنى وخصوصية البوح. وها هي ذي شيمة تحاول إعادة صياغة المعادلة بوعيها السردي، ومنطقها الخاص. ولكن شهرزاد أدركت عدم قدرتها إعادة التشكيل”.

- إعلان -

ومن القراءات التي أعتز بها كثيرا قراءة الأستاذ الدكتور عبد الله سليم الرشيد لمجموعتي (ربما غدا) حيث قال: “إنْ ظل هذا الفن عصيًا على التنظير، متأبيًا على كثير من المصطلحات، فذلك لا يلغي أننا نقرأ منه نماذج تجمع شعرية التعبير، وتكثيف العبارة، ومفاجأة الفكرة، مثلما وجدت في قصص شيمة الشمري”.

ولن أنسى أمسيتي في مركز أبو رمانة بدمشق، وحضورها المتميز من كبار الكتاب والأدباء، والقبول الذي أبهرني هناك، ومشاركتي في ملتقى القصة القصيرة جدًا في حلب، حين أنصفني النقاد على يد الدكتور أحمد زياد محبك، عندما أنهى قراءاته النقدية لنصوص المبدعين والمبدعات في ذلك المساء الأدبي الماتع، بقراءته لقصصي قائلا: “أفيدكم بأني بدأتُ من الجيد إلى الأجود.. “.

كانت تلك القراءات تمنحني شهادات مهمة وتشعرني أنَّ لدي شيئًا يستحق أن يقال، حيث ظهرت بشكل أوضح في المشهد الثقافي السعودي، وأصبحت الصحف والمجلات تطلب قصصي لنشرها، بعد أنْ كنتُ أنا من يراسلهم … وهو تحول يمنحني ثقة وسعادة وتطلع نحو المزيد من الوفاء والعناء للحظة الإبداع التي تبدو دائمًا حلمًا جميلًا، ما إنْ نقطع مرحلةً للوصول إليه حتى تظهر مرحلة أخرى.

 

-في ظل وجود حركة تجديد واستحداث للأدب بجميع عناصره، هل شكّل نقلة نوعية للنقد كذلك؟ وكيف يعصره النقاد المخضرمون؟

النقاد والأدباء وجهان لعملة واحدة، ولتعدد الحركات الأدبية، تعدد الشعراء، فتعدد النقاد، وهذا شيء جيد، ولكنه يحتاج إلى هضم جيد، للوصول إلى مرحلة النضج، مما شكل نقلة نوعية للنقد، عصره النقاد المخضرمون، وأنتجوا دراسات نقدية متميزة، ويظهر ذلك في الأمسيات، والأندية الأدبية والثقافية، والمؤتمرات، وغيرها الكثير.

 

 

الكتاب الإلكتروني ثورة علمية ساهمت في مساعدة الباحثين”

 

– هل يمكن صنع حدث جديد يعتبر الأول من نوعه في مجال الأدب والشعر لتدشين مؤلفات وأفكار جديدة تخدم مجال الأدب والشعر كذلك؟

نعم بالتأكيد لأنه لا يوجد شيءٌ مستحيل، والأيام حبلى بالمفاجآت والإبداعات، ولا يكفي وجود مؤلفات وأفكار جديدة، بل الاحتياج للنقد البناء، والقراءات المختلفة، والتنظير المتألق، كل هذا الحراك ينتج عنه أعمالٌ أدبية متنوعة ترقى إلى مستوى هذا الزخم النقدي.

 

-قلتٍ في ذات لقاء أنك: تواجهين قمع اللغة للأنثى عبر تاريخها الطويل. هل مازالت على رأيك في ظل هذا التمكين الكبير الحاصل للمرأة الآن؟

لا وبكل تأكيد؛ فالمرأة اليوم تحظى برعاية كريمة من قبل والدنا خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظهم الله، وقد قطعت المرأة السعودية وفي فترة وجيزة مراحل وسنوات من التمكين والتطور لتواكب ما وصلت إليه رفيقاتها في سائر البلاد الأخرى.

 

-شهدت الساحة السعودية في السنوات الأخيرة أسماء نسائية برزتْ في الرواية، ونالت اهتمامًا عالميًّا؛ من خلال ترجمة أعمالهن إلى لغات عالمية كثيرة؛ ولكنها اختفتْ فجأة ولم تظهر أية رواية ثانية لهن، فما سبب ذلك برأيكِ؟

لعل هاجس الخوف من النقد والتحليل دعا كثير من الروائيات إلى الاكتفاء بالنجاح الذي تحقق في الرواية الأولى ، وتولد لديها قناعة تامة أن الرواية الثانية لن تكون بذات المستوى ، وربما يعود ذلك  لضعف النفس الروائي لديهن نتيجة صعوبة الكتابة الروائية ومتطلبات تقنياتها المعقدة ، هذا السبب هو ما يميل إليه أكثر النقاد والمراقبين للأدب السعودي النسوي عند دراسة وتحليل هذه الظاهرة، بينما يرى آخرون أن اشتغال الروائيات بالحياة الاجتماعية كالزواج وبالحياة المهنية والوظيفية صرفهن عن التفرغ للكتابة الروائية، وأيضاً الاشتغال بصنوف أخرى من الأدب ساهم في نشوء هذه الظاهرة كاتجاه بعض الروائيات إلى كتابة المقالات الأدبية والصحفية وكتابة القصة بأنواعها وكتابة الشعر والخواطر والكتابة المسرحية.

 

-ماهي أبرز الكُتب التي تحرصين على قراءتها؟

يفرض التخصص والعمل الأكاديمي على الإنسان الاهتمام به أكثر من غيره، وأنا تخصصي في مجال النقد والأدب، ولا شك أنَّ الاهتمام الأكبر سيكون في هذا التخصص، فأنا أتابع كل جديد في مجال النقد والأدب، وبفضل الله مجالي العلمي متفق مع ميولي الأدبية ومساندا لها لذا فاهتمامي ينصب على قراءة الشعر والقصص والروايات والنقد، أيضا أهتم بقراءة الفلسفة والفنون ومتابعة كل جديد في العلوم المتنوعة.

 

-كم بلغ عدد مؤلفاتك حتى الآن؟ ومتى صدر لك أول كتاب وما هو؟

لدي ثمانية كتب، ست منها مجموعات قصصية، ولي في النقد كتابان، وأول مجموعة هي: (ربما غَدًا)، صدرت عام ١٤٢٩هـ.

 

-ماذا تُفضلين: القراءة في الكتاب الورقي أم الإلكتروني؟

الكتاب الإلكتروني إحدى النعم البحثية العابرة للدول والقارات، وثورة علمية ساهمت في مساعدة الباحثين، وتوفير الجهد والعناء المضني في البحث عن بعض الكُتب النادرة، لكن الأقرب إلى القلب الكتاب الورقي، تشعر به، وتحسسه وكأنَّ الكلمات تجلس معك، وتقدم نفسها لك، فأنا أستمتع بتلمس صفحات الكتاب، والحديث معه، أدوّن ملحوظات جانبية على صفحات الكُتب؛ لأتمكن من العود إليها حين الحاجة، وهي متعة لا أجدها في الكتاب الإلكتروني، وهذه الأمور يصعب تحقيقها في الكتاب الإلكتروني.

 

شيمة الشمري شيمة الشمري

- إعلان -

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.