الابتزاز العاطفي

- 2030 -

لغةً: يُقال ابتز منه الشيء: استلبه، انتزعه

واصطلاحاً: وردت فيه معانٍ متعددة منها:

  • استغلال القوة مقابل ضعف إنسان آخر
  • محاولة تحصيل مكاسب مادية أو معنوية من شخص (على أرض الواقع أو افتراضياً) بالإكراه والتهديد.

 

بقلم لمى أحمد ملحم-لايف كوتش ومرشدة أسرية

 

لمى أحمد ملحم

 

أنواع الابتزاز:

الابتزاز المادي، الابتزاز الإلكتروني والابتزاز العاطفي.

وموضوعنا اليوم عن الابتزاز العاطفي، تعريفه ومراحله، أشكاله وحلول مقترحة.

 

الابتزاز العاطفي

هو أحد أشكال التهديد والتلاعب الذي يمارس علينا. سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. سواء أدركنا ذلك أم كان غائباً عنا. ومهما كان نوع العلاقة التي تربطنا بالمبتز (والدية، صداقة او عمل) يستغل فيه المبتز علاقتنا القريبة، فهو يعرف نقط ضعفنا، وقد يعرف الكثير عن أعمق أسرارنا. وهو يشكل تهديداً لنا لأنه يحمل معنى أنك أذا لم تفعل ما أريده منك كما أريد أن تفعله.. فسوف تخسر الكثير. وهم يستخدمون هذا الأسلوب، لأنهم على دراية من خلال ممارستها معنا، ومن خلال معرفتهم بنا، أنهم سيحصلون على النتيجة المطلوبة وهي تنفيذ رغباتهم..

 

الابتزاز العاطفي يحتاج طرفين على الأقل. وإلى موضوع تدور حوله أساليب الابتزاز.

قد يمارس مع الذات أحيانا ً (الجلد والتقليل منها والكبت لمشاعرها).

 

مراحل الابتزاز العاطفي:

يمر الابتزاز العاطفي بمراحل ستة:

 

١. الطلب: 

  • إما بطريقة مباشرة (أريد منك أن تشتري لي..)
  • أو بطريقة غير مباشرة (تغير ملامح الوجه لتعبر عن الحزن أو العبوس في السوق عند رؤية المرغوبات، فيوصل لك رسالة غير مباشرة أنك السبب في حزنه).

 

٢. المقاومة: 

تقاوم أنت الطلب لعدم إمكانيتك، أو رغبتك في ذلك. والمقاومة إما:

  • مباشرة (أنا لا أريد أن أشتري لك..)
  • أو غير مباشرة (دعنا نذهب للبيت فأنا أشعر بالتعب الآن..)

 

٣. الضغط:

عندما لا يحصل المبتز على طلبه فهو لا يحاول فهم مشاعر الاخر، بل يستمر بالمحاولات في تغيير صيغة الطلب (لا تكون أناني، أنت لست بخيل، أنا ليس عندي غيرك).

 

٤. التهديدات:

تشتد طريقة الطلب وترتفع وتيرتها لتصبح تهديداً (أنت تسبب لي الألم، أنا أشعر بالتعاسة لأنني لا أملك هذا الشيء، أنا سأتركك وأغادر، سأطلب من أحد آخر أن يشتري لي..).

 

٥. الإذعان:

وهنا نخاف نحن من خسارة الطرف الآخر المبتز ونلبي طلبه وكثيراً ما يرافقه عدم الشعور بالراحة داخلياً لأننا نفعل الأمر جبراً عنا ومن غير اقتناع، ولكنها وسيلة للتخلص من ضغط وتهديد المبتز المستمرين.

 

٦. التكرار:

لن يتوقف الابتزاز عند طلب واحد فقط، وإنما سيكرر المبتز طلباته بعد شعوره بالانتصار لفترة وقد يطور أساليبه في الطلب والضغط، وسيستمر إلى أن نتوقف نحن عن الاستجابة..

الاستجابة للمبتز هي مكافأة له وتشجيع على الاستمرار، والحل دائماً التوقف ومواجهته بطريقة تناسب الموقف وتناسب شخصيته وتناسبنا نحن.

- إعلان -

ومن المهم هنا أن ننتبه نحن أيضاً لسلوكياتنا فقد نكون مارسنا الابتزاز ربما يوماً ما على أحدهم، فوجب الانتباه ومراجعة الذات..

 

الأوجه الأربعة للابتزاز:

١. المعاقِبون: 

وهم الفئة الأكثر وضوحاً لأنهم يخبروننا بشكل صريح ماذا يريدون وما العواقب التي سنواجهها إن لم نخضع لرغباتهم (سأتركك أن لم تجلب لي..)

 

٢. المعاقبون لذاتهم:

 وهم أيضاً واضحون في أسلوبهم ويتفننون في التهديدات الخاصة بعقوبات ذاتية سيفعلونها بأنفسهم إن لم نحقق رغباتهم (سأقتل نفسي إن تركتني وذهبت..)

 

٣. المُعانون: 

تمثلهم شخصية الضحية، فهم يشعرونك دائماً بالذنب، ويلقون اللوم عليك بأنك سبب تعاستهم وحزنهم وفشلهم، فالظروف والحياة دائماً تظلمهم (سيتم طردي من العمل إذا لم تساعدني، هل تعلم ماذا فعَلت بي؟)

 

٤. المُغرون: 

بارعون في تقديم العروض والوعود سواء مادية أو معنوية، سواء كانت وعود بالحب أو الترقيات الإدارية أو الهدايا، ولكنها مرفقة بربط صريح بمصالحهم (سأجلب لك هدية إن أعطتني، سأساعدك إذا..)

 

ومهما كان أسلوب المبتز وطريقته في الحصول على مصلحته، فإنها كلها تحمل لنا مخاوف من:

  • خسارة رضا الطرف الآخر، أو خسارة العلاقة معه.
  • الرفض.
  • المواجهة بحقيقة الأمور.
  • الشعور بالذنب.
  • النقد واللوم.
  • الخسارات المادية بأشكالها (وظيفة، بيت..)

 

وأيضا ًنواجه شعورنا المتوهم أحياناً بأننا المسؤولون عن سعادة الآخرين وتلبية كل حاجاتهم (الشمعة التي تحترق لأجل الغير)

وفي كل الحالات نحن فقط المسؤولون عن استمراره.. وبإيدينا دائماً قرار إيقافه..

 

الآثار السلبية للابتزاز العاطفي:

لا يخفى على أحد كمية المشاعر السلبية، والتراكمات النفسية، والإرهاق الجسدي الذي يسببه الابتزاز…

بالإضافة لعدم الارتياح نتيجة الإذعان مكرهين لرغبات الآخر، على حساب صحتنا وأوقاتنا وأموالنا أحياناً الكثيرة، ومهامنا وأدوارنا في الحياة.

أمور لا يهتم بها المبتز:

  • مشاعرنا تجاه رغباته.
  • قدرتنا (مادياً أو معنوياً) على تلبيتها.

وكأن لسان حاله يقول: أنا ومن بعدي الطوفان.

 

ولأننا نؤمن بأننا نملك حرية اختيار أسلوبنا في التواصل والتعامل مع الآخر، ومن لدينا القدرة على التغيير الإيجابي في حياتنا فإننا نقول إننا وفي كل الحالات نحن فقط المسؤولون عن استمرار أذى المبتز لنا.. وبيدنا دائماً قرار إيقاف هذا الأذى. 

 

التعافي من الابتزاز العاطفي:

  • يبدأ بإدراك النمط الذي يستخدمه المبتز معنا. 
  • أكتب قائمة بكل السلوكيات التي تؤذيك من المبتز (الصراخ، البكاء، التهديد بالمغادرة، التهديد بالفصل من العمل).
  • معرفة الأسباب والدوافع الحقيقة لمتطلباته (نمط شخصيته، تعامله مع الآخرين).
  • تعرف على معتقداتك الداخلية تجاه نفسك وأكتبها جميعاً (أنا لا أستطيع، هو أقوى مني، ليس هناك عمل آخر لي..).
  • التعرف على المخاوف التي تراودنا تجاهه (الرفض، اللوم، الإحساس بالذنب..).
  • معرفة وإدراك الواجبات المترتبة علينا تجاه هذه العلاقة دون مبالغات أو احتراق نفسي. (بتوازن يضمن لي السلام والإنجاز..).
  • اكتساب المهارات اللازمة لإيقافه والتدرب عليها بممارستها فترة كافية من الزمن.

 

ومن المهارات المهمة والفعالة:

  • مهارة توكيد الذات الإيجابي: أكتب عبارات مثل:
  • أنا أستطيع أن أرفض ما يؤلمني.
  • أنا أستطيع أن أتحمل ضغوطه العاطفية على نفسي.
  • أنا أستطيع النجاة.
  • مهارة قول لا، لكل ما فيه هدر لوقتك أو جهدك أو مالك.
  • مهارة التوقف، وخذ نفساً، وفكر قبل أن تستجيب له.
  • ليس الآن ربما لاحقاً، أنا غير مستعد الآن.

 

و في الختام تذكر أن الابتزاز العاطفي المقصود به أن يكوّن بيننا وبين الآخرين علاقة سامّة تمتص طاقاتنا، وتعود بالضرر علينا على كافة نواحي حياتنا، وتساعد المبتز على القيام بسلوكيات مؤذية له أيضاً، وذلك لأنه يفتقد التوازن والسلام الداخلي، ويربط سعادته ورضاه المزيفين، بالآخرين وبالحصول على رغباته منهم بأي طريقة كانت..

- 2030 -

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.