مرضى الكلى.. واتباع نظام غذائي متوازن

- 2030 -

من المعروف أن كلَّ كلية تعمل على حِدَة، وبشكلٍ مستقلٍّ عن الأخرى. ولذلك، فإنَّ الوظيفةَ الإفراغيَّة للكلية تستطيع أن تؤديها نصفُ الكلية، أي: حوالي 500,000 وحدة وظيفيَّة وهذا يُمثِّل رُبعَ الكتلة الوظيفيَّة للكُلية.

تعرف الكُليَةُ بأنها العضوُ الخاصُّ بتَكوين وإفراغ البول، والمحافظة على ثَبات الموادِّ الحيويَّة (البيولوجية) في الجسم.

تتكوَّن الكُليةُ Kidney من وحداتٍ وظيفية تُسمَّى الكليونات أو النِّفرونات Nephrons، ويَصِل عددُها في الكلية الواحدة إلى أكثر من مليون وحدة وظيفيَّة. تتكوَّن الوحدةُ الوظيفيَّة من مجموعةٍ من الشُّعَيرات الدمويَّة تُسمَّى الكُبَيبَة glomerulus، وهي مُحاطةٌ بكبسولة أو محفظة بومان Bowman’s capsule ومَجموعة متَّصلة من الأنابيب الصَّغيرة أو النُّبيبات tubules، لكلِّ جزء منها وظيفةٌ مُحدَّدة، الإفراغ أو إعادة الامتصاص. وفي نِهاية هذه النُّبيبات أنابيب جامِعَة تَصِل إلى حُوَيضة الكُلية renal pelvis، ثمَّ إلى الحالِب.

بقلم: د. أميرة سيد حسنين – أخصائي أول طب أمراض الكلى – مستشفى رعاية الرياض

وَظائفُ الكُلية:

مريض الكلى يحتاج إلى تغييرات وتَعديلات على نظامِه الغِذائي؛ إذا ساءت حالتُه أو احتاج إلى غَسل الكلية.

  1. تقومُ الكليةُ بعَمليَّة ترشيحٍ وتنقية للدَّم (الوَظيفة الإفراغيَّةExcretory Function) للتخلُّص من الموادِّ السامَّة في الجسم.

(نواتِج الهضم)، مثل اليُوريا والكرياتينين والأمونيا وحَمض اليُوريك والأدوية والعَقاقير، وإفراغ الفائض عن حاجة الجسم من الأملاح، كالصُّوديوم والبوتاسيوم والفُسفات، بحيث لا يُسمَح بعبور خَلايا الدَّم، وكذلك المواد ذات الوزن الجزيئي العالي، مثل

البروتينات.

  1. تَقومُ الكُليةُ مع الرئة بالحفاظ على التَّعادل بين الأيونات في الدَّم (حُموضة الدَّم) بإفراز وإفراغ أَيُونات الهيدروجين H+ في حالة زيادة الحموضَة، كما تقوم بإفراغ شاردة البيكربونات في حالة زيادة القلويَّة.
  2. تُحافِظُ الكليةُ على توازن الموادِّ في الجسم (ما يُسمَّى بعمليَّة الاِستِتبابHomeostasis من الكهارل، أو الشَّوارد الكهربيَّة Electrolytes والأحماض الأمينيَّة والغلوكوز والفيتامين ج، بإفراغها أو إعادة امتصاصها بناءً على معدَّل وجودها بالدم.
  3. تَقومُ الكليةُ بتَنظيم ضغط الدَّم عن طريق إفراز مادَّة (هُرمون) الرِّينينRenin الذي يعمل على تكوين هُرمون الأَنجيوتِنسين1 (Angiotensine I) والذي يتحوَّل إلى الأنجيوتِنسين2 (Angiotensin II) وهي مادَّةٌ قابضةٌ قويَّة للأوعية الدموية، وكذلك منِّشطة قوية لإنتاج هُرمون الأَلدوستيرون Aldosterone من الغدَّة فوق الكلوية (الكُظريَّة)، والذي يحبس الماء والصُّوديوم في الجسم، ويُفرِغ البوتاسيوم من الكُلية.
  4. تُنتِج الكليةُ هرمون الإريثروبويتينErythropoietin الذي يقوم بتَّنبيه نقي العظم؛ لتكوين كريَّات الدَّم الحمراء، ويساعد على نُموِّها. ولذلك، يحدث فقرُ الدَّم نتيجةَ نقصِ إنتاج هذا الهُرمون من الكلية المريضة.
  5. تقومُ الكليةُ بتَحويل فيتامين “د” من الحالة الخامِلَة غير النَّشيطَة إلى الحالة النَّشيطة الفعَّالة. لكن يَحدثُ نقص فيتامين “د” بالجسم في حالة أمراض الكلية المزمنَة أو الفشل الكلوي، ويؤدِّي ذلك إلى نقص في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، وزيادة إفراز الغدَّة الدرقية للهُرمون الدرقي Parathyroid hormone، ويَنتج عن ذلك هشاشة العِظام من منشأ كلوي، أو ما يُدعى الحَثَلَ العَظميَّ كلوي المنشأ (Renal osteodystrophy)

لذلك؛ يجب على مريض الكلى المزمن اتباع الآتي:

  • الحدِّ من تناول السَّوائل.
  • التَّقليل من تناول البروتينات.
  • تقليل الكمِّيات المتناوَلة من الملح، والبوتاسيوم، والفُسفور، والشوارد، أو الكهارل الأخرى.
  • تأمين كمِّية كافية من السُّعرات الحرارية في حال فقدانها.

الغاية من تنظيم غذاء مرضى الكلية:

يَتَبوَّل معظمُ مرضى الكلى بشكلٍ قليل جدًا (قلَّة البول oliguria)، أو لا يَتبوَّلون على الإطلاق (انقطاع البَولunuria )؛ ولذلك، فإنَّ تَقليل كمِّية البَول بين جلسات الغسل مهم جدًا. ومن دون حدّ التبوُّل، تتراكم السَّوائلُ في الجسم ممَّا يؤدِّي إلى زيادة كمِّيتها في القلب، الرِّئتين، البطن، الساقين، والكاحِلين.

الهدف من هذا النِّظام الغِذائي الحِفاظ على تَوازُن الشَّوارد الكهربيَّة، المعادِن، والسَّوائل عندَ المرضى المُصابين بمرضٍ كلوي مزمن والذين يَقومون بغسل الكلية. ومن الضَّروري اتِّباعُ هذا النِّظام الغِذائي؛ لأنَّ غسلَ الكلية وحدَه لا يكفي للتخلُّص من جَميع الفضلات التي يُنتِجها الجِسم، كما قد لا يَكون بِمَقدور الكليةِ المريضَة تنقية الجسم من الفضلات والشَّوائب.

تدابير التغذية لدى مرضى السكري:

يجب على المصاب بمرضٍ كلوي مزمن طَلبُ النُّصح من أحد اختصاصيين التَّغذية؛ ليساعدَه على إعداد برنامج نظامٍ غذائي خاص به تبعًا لحاجاتِه.

ويجب أن يتضمَّنَ النِّظامُ الغِذائي تناولَ أغذية غنيَّة بالسُّعرات الحرارية، للمحافظة على صحَّة المريض، ومنع تَضرُّر أنسجة الجسم، وينبغي على المريض أن يقيسَ وزنُه يوميًا.

  1. الكَربوهيدرات أو السُّكَّريات:

تُعدُّ السكَّرياتُ مصدرًا جيِّدًا للسُّعرات الحرارية؛ ولكن عندَ إصابة مريض الكلية بمرضٍ مثل السكَّري أو كان يُعانِي من البدانة، يجب عليه تَقليل كمِّية السكَّريات التي يتناولها. وإذا نصحَ الطبيبُ مريضَه بالاعتماد على نظامٍ غِذائي قَليل البروتين، يمكنه أن يستعيضَ عن السُّعرات الحرارية الموجودة في البروتين عن طريق:

*الفواكِه، والمعجَّنات، والحبوب، والخضراوات، فتؤمِّن هذه الأغذيةُ كمِّياتٍ جيِّدة من الطَّاقة، الألياف، المعادن، والفيتامينات.

* يمكن أن يتناولَ المريضُ حلوياتٍ غنيَّة بالسُّعرات الحرارية، مثل الفطائر، والكعك، ما دام يخفِّف من تناول الحلويَّات المصنوعة من الحليب، الشوكولا ،البندق، أو الموز.

  1. الدُّهون:

الدهونُ مصادرَ جيِّدة للسُّعرات الحرارية. ولكن، يجب على المريض تناولُ الدُّهون غير المشبَعَة (مثل زيت الزيتون، زيت الصُّويا، زيت دوَّار الشَّمس … إلخ)، حيث إنَّها تساعد على حِماية الشرايين.

  1. البروتينات:

- إعلان -

قد يكون من المفيد، لدى مرضى غسل الكلية، اتِّباعُ نظامٍ غذائي قَليل البروتين قبلَ إجراء غسل الكلى، وبذلك قد يَنصح الطَّبيبُ أو اختِصاصي التَّغذية باتِّباع نظامٍ غذائي معتدل البروتين (غرام بروتين لكلِّ كيلو غرام من الوزن يوميًا).

ولكن، عندما يبدأ المريضُ بإجراء غسل الكلية، فإنَّه سيحتاج إلى المزيد من البروتين. لذلك ينصح الأطبَّاء واختصاصيو التَّغذية بتناول أغذيةٍ تحتوي على كمِّياتٍ كبيرة من البروتين، مثل السمك، الدَّجاج أو البيض في كلِّ وجبة. وهذا يساعد المريضَ على تعويض ما يتلف من أنسجة الجسم ولكن في حالات غسل الكلى فقط، أو حسب توصيات الطَّبيب.

  1. الكالسيوم والفُسفور:

هما من المعادِن المهمة في جسم الإنسان. ولكن، ترتفع تراكيزُ الفُسفور بشكلٍ كبير جدًا حتَّى في المراحِل الأولى من المرض الكلوي المزمن، ممَّا يؤدِّي إلى:

  • انخفاض مستوى الكالسيوم (يؤدِّي هذا إلى سحب الكالسيوم من العظام، ومن ثَمَّ إضعافها، وجَعلها عُرضةً للكسر).
  • الحكَّة (المزعجة جدًا في المُصاب بالفشلِ الكلوي المُزمِن).

لذلك، يجب على مَريض الكلى التَّقليل من تناول مُنتَجات الألبان، بما في ذلك الحليبُ، اللبن الرَّائب والجبن. لكن تحتوي بعضُ مشتقَّات الألبان على كمِّيات أقل من الفُسفور، مثل الزبدة وبعض أنواع الجبنة. كما تحتَوي الفواكهُ على كمِّيات ضئيلة من الفُسفور.

قد يحتاج المريضُ إلى تَناوُل مكمِّلاتٍ تحتوي على الكالسيوم؛ للوقاية من أمراض العظام، وأخرى تحتوي على الفيتامين “د”؛ للسيطرة على تَوازُن الفُسفور والكالسيوم في الجسم.

إذا كان مُحتَوى النِّظام الغِذائي الذي يتَّبعه المريضُ لا يتضمَّن كمِّياتٍ كافيةً من الفُسفور، قد يصف الطَّبيبُ له أدويةً تُسمَّى خالِباتِ الفُسفور Phosphorous Binders، تعمل على الارتباط بالفُسفور، ومنع ارتفاع مستواه في الدَّم.

  1. السَّوائل:

في المراحلِ المبكرة من أمراض الكُلية المزمنة، لا يَحتاج المريضُ للحدِّ من كمِّيات السوائل التي يتناولها. ولكن، إذا ساءت حالةُ المريض، أو في حال حاجته لغسل الكلية، فعليه مراقبةُ ما يتناوله من السَّوائل بين جلسات غسيل الكلية، وذلك لئلاَّ يرتفع تركيزُ السوائل كثيرًا في جسمه.

عندها يجب على المريض عدمُ الإكثار من تناول الأطعمة المحتوية على الماء بكثرة، مثل أنواع الحساء، والمثلَّجات، والعِنَب، والبطِّيخ، والطَّماطم، والخسِّ.

إجراءات تساعدك على مكافحة العطش:

  • تَجنُّب الطَّعام المالِح.
  • تَجميد العَصائِر في قالب، ثمَّ تناولها كقطع الحلوى.
  • تَجنُّب التعرُّضِ للجوِّ الحارِّ في أيام الحرِّ.
  1. الملحُ أو الصُّوديوم:

التَّقليلُ من كمِّية الصُّوديوم المتناوَلة ضمن النِّظام الغِذائي تساعد على التحكُّم في ضغط الدم، والتَّخفيف من العطش، بالإضافة إلى منع الجسم من حبس المزيد من السَّوائل.

يُفضَّل عندَ شراء الموادِّ الغذائية أن تحتوي على إحدى هذه الجُمل على ملصقها:

  • قليل الصُّوديوم.
  • لا يحتوي على الملح.
  • خالٍ من الصُّوديوم.
  • مُخفَّض الصُّوديوم.
  • غير مُملَّح.

ينبغي تَجنُّبُ بَدائِل الملح؛ لأنَّها تحتوي على البوتاسيوم حيث يَحتاج المصابون بأمراض الكُلى المزمنة إلى تَقليل البوتاسيوم.

  1. البوتاسيوم:

تَساعِدُ المستوياتُ الطبيعيَّةُ من البوتاسيوم القلبَ على النبض بانتظام. ولكن، يمكن للبوتاسيوم أن يتراكمَ في الجسم في حالاتِ سُوءِ الوظيفة الكلوية، ممَّا قد ينجم عنه اضطرابٌ في النَّظام القلبِي.

يُوجَد البوتاسيوم في العديدِ من الأطعمة، مثل الفواكه والخضراوات لذلك فإنَّ الاختيار المناسب لنوع الطعام يساعد على ضبط مستويات الكالسيوم في الجسم.

عندَ تناول الفاكهة، يمكن اختيارُ الدُّرَّاق، والإجاص، والكَرز، والتفَّاح، والأناناس. ويُفضَّل تَجنُّبُ عصير البرتقال، والكيوي، والزَّبيب، والأنواع الأخرى من الفواكه الجافَّة.

عندَ تناول الخضراوات، يمكن اختيارُ بعض الخضار، مثل الجزر، والقرنبيط، والباذنجان، والبصل، والنَّعناع، وغيرها. ويجب تَجنُّبُ الهليون، والبَطاطا، والطَّماطم، ومعجون الطَّماطم، والسبانخ المطبوخة، وغيرها.

  1. الحديد:

يَحتاج المرضى في الأطوار المتأخِّرة من المرض الكلوي إلى كمِّياتٍ زائدة من الحديد. تحتوي الكثيرُ من الأطعمة على كمِّيات كبيرة من الحديد مثل (الكبد، لحم البقر، الدَّجاج، الفاصولياء، الحبوب المعزَّزة بالحديد). ويمكن أن يحتاجَ المريضُ إلى مُستَحضَرات الحَديد، أو ربَّما إلى نقل الدَّم، حسب تَوصِياتِ الطَّبيب.

- إعلان -

- إعلان -

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.